أعود من فترة إلى أخرى إلى دواوين الشاعر السورى الراحل الجميل محمد الماغوط، وأرتمى أحياناً على شاطئ بحره الإبداعى الهادر، لكى أشحن بطارية أحلامى بسخريته المريرة النازفة وأقواله الموجعة المختصرة، كالنواة التى تختزل كل أسرار الخلية وتبوح بلغز الحياة، دوماً يصدمنى ولكنها صدمة الكهرباء التى تساعد القلب على الخفقان بعد أن كان على وشك الموت، معظمكم تعرفونه كمؤلف فيلمى «الحدود والتقرير» ومسرحية «كاسك يا وطن»، أدعوكم إلى قراءته معى والتعرف عليه كشاعر وكاتب عظيم، وعذراً أستاذنا الماغوط سأسرق قبساً من نار إبداعك المقدسة حتى أشعل جذوة الروح التى انطفأت.

■ كل السيول والفيضانات تبدأ بقطرات تتجمع من هنا وهناك.. إلا عند العرب، يكون عندنا سيول وفيضانات وتنتهى بقطرات تتفرق هنا وهناك.

■ الصمود والتصدى: الصمود على الكراسى، والتصدى لكل من يقترب منها.

■ فيما مضى كان شيخ الحارة يضربنى لأحفظ وأتذكر، وفيما بعد صار الشرطى يضربنى لأنسى!!

■ محاصر بين تيار العولمة وتيار الأصولية، فكيف أوفق بين الاثنتين؟ هل أصلى على الإنترنت؟

■ أخذوا سيفى كمحارب وقلمى كشاعر وريشتى كرسام وقيثارتى كغجرى.. وأعادوا لى كل شىء وأنا فى الطريق إلى المقبرة.. ماذا أقول لهم أكثر مما يقوله الكمان للعاصفة؟؟

■ لا يوجد عند العرب شىء متماسك، منذ بدء الخليقة حتى الآن، سوى القهر.

· آه.. الحلم..

الحلم..

عربتى الذهبية الصلبة

تحطّمتْ، وتفرّقَ شملُ عجلاتها كالغجرْ

فى كل مكان

حلمتُ ذات ليلة بالربيع

وعندما استيقظت

كانت الزهور تغطى وسادتى

وحلمت مرةً بالبحر

وفى الصباح

كان فراشى مليئاً بالأصداف وزعانف السمك

ولكن عندما حلمت بالحريّة

كانت الحراب

تطوّقُ عنقى كهالة المصباح

■ نحن الجائعين أمام حقولنا.. المرتبكين أمام أطفالنا.. . المطأطئين أمام إعلامنا.. الوافدين أمام سفارتنا.. نحن الذين لا وزن لهم إلا فى الطائرات.. نحن وبر السجادة البشرية التى تفرش أمام الغادى والرائح فى هذه المنطقة.. ماذا نفعل عند هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج؟ لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن، أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات، أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية، أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب، أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد، أعطونا الحليب المجفف وأخذوا الطفولة، أعطونا السماد الكيماوى وأخذوا الربيع، أعطونا الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان، أعطونا الحراس والأقفال وأخذوا الأمان، أعطونا الثوار وأخذوا الثورة.